السحر أبعاده غائرة في الزمان ,وظهر بين الناس على يد فئة من البشر قبل الديانة اليهودية بقرون مديدة,وكان هدفهم هو إستعباد الناس بإيحائهم أنهم أناس متميزون ولهم صلات مع القوى العظمى الخفية,ويرجع بنا التاريخ الى بابل في كثرة السحر والسحرة وتأثيرهم على عقول العامة وإستغلالهم وخيراتهم ولإضفاء عنصر الرهبة والإندهاش إدّعوا أنهم يسخرون المخلوقات غير المرئية من جن وغيره لتحقيق ما يريدون ,واستشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء و كهنة و سحرة بابل ,كما وأنهم جعلوا من الكواكب آلهة وعبدوها ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الرُّقى والعُقَد والنفث فيها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات ,وفي هذه الظروف جاء سيدنا إبراهيم عليه السلام وأنزل الله عليه صحفه
وأكثر من إشتغل بالسحر هم بني إسرائيل
و ذكرت قصة سيدنا سليمان و السحر في سورة البقرة
قال تعالى
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ . وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
صدق الله العظيم
ذكَر الله تعالى لنبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعضَ مخازي اليهود من بني إسرائيل، الذين لم يؤمنوا به ولا بالقرءان الكريمِ المصدِّق للتوراة الأصلية التي أُنزلت على سيدنا موسى عليه السلامُ وتضمنتِ الدعوةَ إلى الإيمانِ باللهِ وحدَه لا شريكَ ولا شبيه له والإيمانِ بموسى رسولاً ونبيًّا وبالإسلامِ دينًا وشريعةً
سيدنا سليمان كان له ملكاً عظيماً و كان يسخر الإنس و الجان و كانوا يعملون لديه بإذن الله و سيدنا سليمان كان نبي لبني إسرائيل.
معروف أن إبليس هو كبير السحرة و إبليس خُلق من نار و هو زعيم الجن .. و الجن تعلموا السحر من إبليس و علموه لمن اتبعهم من الناس.
وكان من المخازي التي ارتكبها الكفارُ من بني إسرائيل أنَّهم في عهد سيدنا سليمان عليه السلام تركوا الزَّبور كتابَ الله واتَّبعوا ما ألقَت إليهم الشياطين من كُتب السّحر و تعاليمه.
كانتِ الشياطين تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى الغمام والسحابِ حيثُ يسترقونَ السمعَ من كلامِ الملائكةِ الذين يتحدَّثونَ ببعض ما سيكونُ بإذن الله في الأرضِ من موتٍ أو أمر أو مصائب، فيأتون الكهنَة الكفار الذين يزعمون بأنّهم يعلمون الغيبَ ويُخبروهم، فتُحدّثُ الكهنةُ الناسَ فيجدونه كما قالوا، فلما ركنَت إليهم الكهنة، أدخلوا الكذبَ على أخبارهم فزادوا مع كل كلمةٍ سبعين كلمة، وكتبَ الناسُ ذلك الكلام في الكتب، وفشا في بني إسرائيل أنَّ الجنَّ والشياطين يعلمون الغيبَ.
فبعثَ سيدنا سليمان عليه السلام بعضَ جنوده وجمعَ تلك الكتبَ فجعلها في صندوق، ثم دفنها تحتَ كرسيّه، ولم يكن أحدٌ من الشياطين يستطيع أن يقتربَ من الكرسيّ وإلاّ احترقَ، وقال سليمان :"لا أسمعُ أحدًا يذكرُ أنَّ الشياطين يعلمونَ الغيبَ إلاّ ضربتُ عنقَه". وكان الشياطينُ مغتاظينَ من سيدنا سليمان عليه السلام لأنَّ اللهَ أعطاهُ سرًّا، فكانوا يطيعونه مع كفرهم، من غير أن يؤمنوا كانوا يخدمونه، و يعملون له أعمالاً شاقّة.
ولما توفي سيدنا سليمان عليه السلام، وقلّ عدد العلماءِ الذين عرفوا ماذا فعل سليمانُ بكتبِ السّحر وأنّه دفنها تحت كرسيّه، ومضى جيلٌ وأتى غيرُه، تمثّل إبليسُ في صورة إنسان، ثمّ أتى جماعة من بني إسرائيل، فقال لهم: هل أدلّكم على كنْزٍ لا ينفدُ بالأخذ منه؟ قالوا: نعم، قال :"إنّ سليمان لم يكن نبيًّا إنما كان ساحرًا، فاحفروا تحتَ كرسيّه"، فاعترض المسلمونَ وغضبوا وقالوا :"بل كان سليمانُ نبيًّا مسلمًا مؤمنًا"
وعاد إبليس لتزيين الشرّ فوسوسَ للكفارِ من بني إسرائيل ممن صدقوا كلامَه وذهب معهم وأراهم المكانَ ووقف جانبًا، فقالوا له :"اقتربْ يا هذا"، فقال: "لا، ولكنني ها هنا بين أيديكم، فإن لم تجدوا الصندوق فاقتلوني"، -لم يقترب إبليس حتى لا يحرقه الكرسي- و حفر الناس فوجدوا الصندوق وأخرجوا تلك الكتب. فلما أخرجوها قال إبليس اللعين :"إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطيرَ بهذا السحر"، فقال الكفار :"لقد كان سليمان ساحرًا، هذا سِحرهُ، به كان يأمرنا وبه يقهرنا".
ثم طار إبليس، وفشَا بين الناس أن سليمان كان ساحرًا والعياذ بالله وكذلك صاحبُه ءاصفُ بنُ برْخيا الذي جلب له عرش بلقيس بكرامةٍ أكرمه الله بها.
وأخذ كفارُ بني إسرائيل يعملون بما في تلك الكتب، والحقُّ أن السحرَ ليس من عمل الأنبياءِ ولا الأولياء، وما كفَر سليمان عليه السلام لأنّه نبيٌّ من عند الله منزّه عن الكبائر وصغائرِ الخِسَّة وعن كل القبائحِ والرذائل فضلاً عن أنّه منزّه عن الكفر.
علينا أن نأخذ حذرنا الشديد فقد قرن الله السحر بالكفر و هو حكم شرعي لكل من عمل بالسحر فالسحر كفر و حاشا لله أن يكون سيدنا سليمان ساحراً بل كان نبياً مكرماً آتاه الله ملكاً عظيماً بفضله و قدرته.
نزول هاروت وماروت:
لما كثُر السحرةُ الذين تتلمذوا على أيدي الشياطين ادَّعوا النبوةَ وتحدّوا الناس بالسحر، فأنزل الله ملَكين من ملائكته الكرام وهما هاروت وماروتُ ليعلّما الناسَ ما هو السحرُ فيتمكنوا من تمييز السحر من المعجزة، ويتبين كذبُ السحرةِ في دعواهم النبوة، ولكي لا يلتبس على بعض الناس حالهم، فإنّ السحرَ يعارَض بسحرٍ أقوى منه فقد يبطل السحر ساحر ءاخر
كأن تقول مثلاً السرقة هي كذا فتفهم الناس ما السرقة فتجتنبها .. هكذا أرسل الله الملكين ليعلما الناس ما هو السحر حتى يجتنبوه
وفي السحر التمويه والتخييل على الناس، وخُدع وشعوذات، ومن جهةٍ أخرى هو نوعٌ من خدمة الشياطين للسحرة لأن الشياطين أجسام لطيفة لا يراها الناس، ويكونُ السحرُ أحيانًا بوضع تركيبةٍ من موادَّ معينةٍ تُجمع وتُحرق ويتخذُ منها رماد وحِبرٌ ويُقرأ عليها كلمات وأسماء ثم تستعمل في ما يحتاجُ إليها من السحر، وأما المعجزةُ فهي أمرٌ خارق للعادة لا يعارض بالمِثْل، يظهر على يدِ النبي وقد يكونُ مقرونًا بالتحدّي.
نزلَ الملَكان هاروت وماروت ليظهرا للناسِ الفرقَ بين السحر المطلوب تجنُّبه، وبين المعجزةِ التي هي دليلُ نبوّة الأنبياء عليهمُ السلام، فكانا يعلّمان تعليمَ إنذارٍ لا تعليمَ تشجيع له، كأنهما يقولان: لا تفعل كذا، كما لو سأل سائل عن صفة الزنا أو القتل فأُخبر بصفته ليجتنبه، أو يقولان: فلا تكفر، أي فلا تتعلم السحرَ معتقدًا أنّه حقّ فتكفُرَ.
وهاروت وماروت ملَكان كريمان من ملائكةِ اللهِ الذين لا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلونَ ما يؤمرون، فلا صحَّة أبدًا للقصّة التي تقول إن هاروتَ وماروتَ ملكان التقيا بامرأة جميلة ففعلا معها الفاحشة، فهذا الكلام كفر و العياذ بالله و فيه تكذيب للقرءان الكريم.
من هم الشياطين ؟؟
الله خلق الإنس و الجان و ذكر في القرآن الكريم : شياطين الإنس و الجان .. إذا هناك شياطين من الإنس و هناك شياطين من الجان .. فالإنس و الجان الذين ءامنوا بالله هم الصالحين أما الإنس و الجان الذين استعانوا ببعضهم على عبادة إبليس و إفساد الأرض و ترك عبادة الله فهم الشياطين من الإنس و الجان.
هل الجن يعلمون الغيب ؟؟
لما توفي سيدنا سليمان توفي على عصاه فظل واقفاً لا يتحرك فكانت الجن لازالت تشتغل لديه و لا تعلم أنه ميت و كانوا يخافونه جداً لدرجة أنهم لم يحاولوا الاقتراب منه للتأكد هل هو حي أو ميت و جاءت دابة الأرض تأكل عصا سيدنا سليمان فخر واقعاً على الأرض فقالت الجن : لو كنا نعلم الغيب ما لبثنا في العذاب المهين و هذا مذكور في القرآن يقول تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ).
إذاً الجن لا يعلمون الغيب بل هم يسترقون السمع و ينقلون الأخبار و يخيلون عى الناس و يخدعونهم فقط.
اليهود و السحر:
وأقاموا اليهود علمًا بالسحر أسموه الكابالا أو القبالة ,هي كلمة آرامية من الأصل قبل ومعناه القبول أو تلقي الرواية الشفوية,وأصبح هناك طائفة معينة متميزة تسمى القبالة وأخذت على عاتقها تفسير التوراة ممزوجة بالسحر والشعوذة حتى أنهم أضافوا مزمارًا في سفر الزبور خاصا بالسحر,ووضعوا كتبًا وشروحات تشتغل بالسحر والشعوذة ومن كتبهم هذه كتاب اسمه"الزوهار" وهي ايضًا لفظة آرامية تعني النور والضياء.
واليهود كي ينفردوا بالسحر وعلومه بدأوا بإضافة كثير من الرموز والأشكال لعقيدتهم وجعلها أساس تفسيرهم للتوراة ومحل إحتكار...من هذه الرموز النجمة السداسية والتي أطلقوا عليها نجمة داوود وكما سموها خاتم سليمان وتسمى بالعبرية ماجين دافيد وتعني درع داوود...وهذا الرمز إستعملته أقوام قبل اليهودية للدلالة على آلهتهم منهم الهندوس و الفراعنة وحسب المعتقد المصري القديم فإن النجمة السداسية كانت رمزا للإله أمسو الذي وحسب المعتقد كان أول إنسان تحول إلى إله وأصبح إسمه حورس.
وأما اليهود فقد حاولوا أن يعللوا إستعمال هذا الرمز بقولهم أنه يدل على الأسباط الإثنى عشر, حيث أن كل زاوية تمثل سبطًا.
ومن الملاحظ أن شغفهم بالسحر تزايد بعد موت سيدنا سليمان واعتبروا سيدنا سليمان ساحرًا ولم يعترفوا به كنبّي مرسل, بل اتهموه بالسحر وأنه من كبار السحرة وهكذا سخر الجن والطير يعملون تحت إمرته وسلطانه و هذا خطأ و إثم كبير و واحدة من جرائم بني إسرائيل، لذلك هم يستعينون بالجان و يسعون لبناء هيكل سليمان حتى يستعيدوا العصر الذهبي لليهود و الهيكل في الواقع ما هو إلا المسجد الأقصى و الذي بناه سيدنا آدم من قبل سيدنا سليمان بملايين السنين و تم تجديده فقط على مر الزمان و لكن الجن يخدعونهم و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين.